بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة والأخوات الكرام
نقلت لكم اليوم بعضا من قصص الأطفال وهي نموذج للطريقة التي يتربى عليها الأطفال في فلسطين فهم ينشئون على الحب لأرضهم ويرضعون منذ نعومة أظفارها التضحية والفداء من أجل الوطن لا يخافون الموت ولا يخشون المخاطر ويتصفون بالجرأة والشمم وأرجو أن تنال إعجابكم
حنين
أمل وريما طفلتان في الصف الثالث الابتدائي وهما صديقتان أيضا.. غادرتا المدرسة بعد انتهاء الدوام، وفي طريق عودتهما إلى البيت.. كان يدور بينهما كل يوم حديث مختلف حول الدروس والامتحانات.. لكن في هذا اليوم اختلف كلام أمل؛ فقد كانت تتحدث عن أسماء البنات والأولاد وتسأل ريما عن رأيها في كل اسم.
- يبدو أنك فرحة اليوم كثيراً يا أمل.. ما السر؟
ابتسمت أمل وقالت: ماما ذهبت إلى المستشفى في الليل.
استغربت ريما وردت بسرعة: سلامتها ماذا يتعبها؟
- لا يا ريما.. ماما إن شاء الله ستلد، ويا رب تكون بنت!!
ضحكت ريما وقالت: وإذا كان ولداً..المهم أن تكون أمك بخير.
ومع صوت الضحكات المتبادلة بين الصديقتين.. تفرقت كل منهما ذاهبة إلى بيتها في مخيم (عين الحلوة) للاجئين في لبنان.
كانت أمل تتمنى أن تطير كالعصفورة؛ حتى تصل البيت بسرعة وترى أمها.. دقت على الباب ودون أن تنتظر سألت: ولد ولا بنت؟!
ابتسمت جدتها _وهي تفتح لها الباب_ ثم احتضنتها ولم تجب على السؤال.
لكن أمل كانت تدعو بصوت مرتفع: يا رب بنت يا رب!!
وانطلقت إلى غرفة أمها: ماما حبيبتي.
ودون شعور قفزت على السرير بجانب أمها.. لترى بنفسها
- ما شاء الله، حلوة يا ماما!! ماذا نسميها؟
أجابت أمها: فكري.. هل عندك أسماء حلوة؟
- نسمة لأ لأ، طيب: آية لا، جيراننا عندهم هذا الاسم، ما رأيك يا ماما ننتظر بابا حتى يأتي، أكيد عنده اسم حلو.
ضحكت الأم وقالت: اذهبي الآن وغيّري ملابسك؛ لتتناولي الطعام.
- حاضر يا ماما.
خرجت أمل من غرفة أمها وهي تفكر بصمت: يا الله، ماذا نسميها!!
كانت جدتها تنظر إليها وتبتسم، ثم نادت عليها لتتناول الطعام.
وبينما كانت أمل تأكل مع جدتها.. سمعت صوت الباب يدق، فتركت الطعام وأسرعت نحو الباب: أكيد بابا.
دخل والدها.. ورد السلام عليهم.
- وعليكم السلام ورحمة الله يا بابا..هل اخترت اسماً لأختي؟!
ضحك الأب: مستعجلة يا بابا اصبري، ثم سلّم على والدته الحاجة فاطمة وجلس بجانبها يسألها عن حال زوجته.
- ما رأيك يا أمل في اسم (فاطمة)؟
ردت عليه أمه: لا يا ابني!! هذه الأسماء لا تعجبهم.
- صح يا بابا هو اسم حلو لكن..أريد اسماً سهلاً مثل اسمي.
قالت الجدة: تعال يا ابني نطمئن على زوجتك أولاً.
قام الجميع إلى غرفة الأم.. وبعد أن اطمأنوا على صحتها جلسوا يختارون للمولودة اسماً مناسباً.
قالت أمل: عندي فكرة يا بابا، ما رأيك أن تختار جدتي الاسم، فهي أكبر واحدة وأكيد عندها أسماء كثيرة من زمان.
فرح الأب لفكرة ابنته ونظر إلى أمه: ما رأيك يا حاجة؟
وضعت الحاجة فاطمة يدها على خدها وقالت: آه يا ابني والله بنتك أمل فكرتني في أيام زمان.. ثم انخفض صوتها وسالت دمعة على خديها.. سرعان ما مسحتها لتخفيها عن الأنظار..
قالت أمل بصوتٍ غاضب: آه زهقت!! كل أسماء البنات خلصت.. لو كان ولداً كان اسمه أسهل.
ضحك الجميع.. ثم قالت الجدة: ما رأيكم نسميها حنين!
فرحت أمل وقالت: فعلاً هذا اسم دمه خفيف.
وفجأة ارتفع صوتها تغني:
يا رب يا ربنا
تكبر حنين قدنا
وتصير حلوة مثلنا
وتروح المدرسة
وتكون شاطرة زينا.
ثم خرجت الجدة من الغرفة.. وبقيت أمل مع والديها
- صحيح يا بابا لماذا اختارت جدتي اسم حنين، ولم تكن فرحة مثلنا؟
- اذهبي يا حبيبتي واسأليها.
- خرجت أمل من الغرفة.. بحثت عن جدتها في المطبخ وفي كل البيت ولم تجدها، ثم نادت عليها بصوت مرتفع.
سمعتها الجدة وقالت: تعالي يا حبيبتي أنا واقفة عند باب البيت.
أسرعت أمل وسألتها: لم اخترت اسم حنين لأختي؟
- تعالي أحكي لك الحكاية:
"زمان كنا نعيش في مدينة يافا، ولما جاء اليهود إلى فلسطين طردونا منها بالقوة واحتلوها.. ونحن لم ننس ذلك ودائما نتذكر أيامنا الجميلة هناك، آه كم أتمنى أن أرجع وأرى يافا، كل أهل المخيم مشتاقين للعودة إلى بلادهم".
- آه القلب كله حنين لأيام زمان يا أمل.
- الآن فهمت يا جدتي، كنت أسأل نفسي دائماً عن سر المفتاح المعلق حول رقبتك..
وتابعت الجدة: مازال لدينا أمل أن نرجع لبلادنا.
ابتسمت أمل قائلة: تقصدين اسمي، أكيد أنت اخترت لي هذا الاسم عندما كنت صغيرة..
"ما رأيك يا جدتي سأكتب كل الأسماء التي توجد عندك، وأوزعها على الجيران؛ حتى يختاروا لأبنائهم أسماءً منها".
- ابتسمت الجدة وحضنتها، ثم رفعت المفتاح من رقبتها وعلقته حول رقبة أمل، وأهدتها قبلة حانية على خديها.
************
هدية جدتي
أحمد تلميذ في الصف الرابع الابتدائي.. وعدته جدته بهدية جميلة إذا تفوق في الدراسة.. ومنذ ذلك الحين وهو يراجع دروسه بنشاط استعداداً للامتحانات النهائية.. ويحلم بهدية جدته.
أقبلت أمه عليه تسأله: لماذا لم تنم حتى الآن يا حبيبي؟
رد عليها أحمد: إذا نمت باكراً فسيأتي غداً بسرعة، وأنا خائف من الامتحان.
ربتت أمه على كتفه قائلة: لا تقلق يا حبيبي أنت تلميذ مجتهد وسيوفقك الله .
اطمأن أحمد إلى كلام أمه وأغلق الكتاب، ثم نظر إليها مبتسماً: تصبحين على خير.
نام أحمد على جنبه الأيمن وأخذ يردد أذكار النوم، ويقرأ سورة الناس والفلق، ولم ينس دعاء النوم" باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه".
وظل يفكر في هدية جدته ويقول في نفسه
سأدرس وأنجح.. جدتي ستعطيني هدية..ياه ماذا ستكون؟ دراجة..لا لا، جوال..يا سلام سأضع الجوال علي جنبي وأمشي بين أصحابي..) وبينما أحمد يحلم بهدية جدته؛ غلبه النعاس فنام.
في اليوم التالي، استيقظ أحمد باكراً، توضأ وصلى الفجر، ثم جلس على سريره يحفظ بعض السور القرآنية والقصائد من كتاب اللغة العربية.
نادت أمه عليه لتناول طعام الإفطار مع والده.. أقبل أحمد وجلس إلي جوار أبيه، وكانت جدته جالسة أيضا علي المائدة.
همس أحمد في أذن أبيه: هل أخبرتك جدتي عن الهدية؟!
ضحك أبوه قائلاً: لا تستعجل.. أيام قليلة وتنتهي من الامتحانات، ثم تحصل علي الشهادة..
قاطعته الجدة مبتسمة: وبعد ذلك تأخذ الهدية مني.
قال أحمد بلهفة: ما هي يا جدتي؟ أريد أن أعرف؛ لأحكي لأصدقائي.
ردت الجدة: لا.بعد أن نعرف النتيجة، ونرى إن كنت متفوقاً أم لا.
نهض أحمد بسرعة قائلاً: لقد تأخرت سأذهب حالاً إلي المدرسة، السلام عليكم،
ثم خرج من البيت.
وصل أحمد المدرسة، ثم دخل الفصل وهو يردد دعاء الدخول: (اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيراً).
رد أحمد السلام علي زملائه في الفصل، ثم جلس علي مقعده وتسلم ورقة الامتحان.. وقبل أن يبدأ الإجابة قال: ( بسم الله، رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري).
وبدأ يقرأ الأسئلة ويكتب الإجابات وهو سعيد؛ لأن الامتحان جاء سهلاً.. وبعد أن انتهي من الإجابة سريعاً وقف ليسلم الورقة، نصحه المدرس بمراجعة الإجابات مرة أخري لأن وقت الامتحان لم ينته بعد.
ابتسم أحمد قائلاً: الحمد لله تأكدت من الحل أكثر من مرة، كما أوصتني أمي.
سمح له المدرس بالخروج من الفصل، ثم عاد مسروراً إلي البيت.
وعندما وصل، استقبلته جدته..رد عليها السلام وقبّل يدها، ثم جلس يتحدث معها.
- هل كنت شاطرة في المدرسة أيام زمان؟
ابتسمت الجدة قائلة: نعم.لكن أنت أشطر مني.
انتبه أحمد لغياب أمه، نادي عليها، لكنها لم تجبه.
قالت الجدة: أمك خرجت تشارك في المسيرة.
- (مسيرة!!) رد عليها أحمد باستغراب.
- لماذا لم تخبروني؟ ثم همّ متوجها نحو الباب.
سألته جدته: إلي أين يا حبيبي؟
- سأذهب إلي أمي.
وقفت جدته..وسارت نحو باب البيت: انتظرني..سنذهب سوياً.
خرج أحمد مع جدته..وفي الطريق سألها: لماذا نخرج في المسيرة يا جدتي؟
ردت عليه: حتى نعود إلي الوطن!!
قال أحمد:آه..لقد تذكرت...اليوم نحي ذكرى النكبة كما قالت الأخبار.
بدت الجدة مسرورة من جواب حفيدها..ثم وصلا إلى مكان المسيرة.
كانت المسيرة حاشدة، شارك فيها الآلاف من الناس حتى الأطفال والنساء..هتف أحمد كما يهتف الجميع: سنعود سنعود..وإن طال الزمن!!
وبعد انتهاء المسيرة عاد الناس إلي بيوتهم، وكلهم يتحدثون عن الوطن والهجرة.
وأسرة أحمد كباقي الأسر جلست تتحدث عن أيام زمان، وكيف هاجر اللاجئون من أرضهم.
انتبهت الأم إلي مرور الوقت وقالت لابنها: اذهب يا حبيبي لتذاكر؛ فغداً لديك امتحان.
رد عيها وعيناه تنظران إلي جدته: حسناً..غداً آخر امتحان يا جدتي!!
قالت الجدة: لا تقلق .. الهدية جاهزة.
فرح أحمد حينما سمع كلام جدته، ثم ذهب يذاكر دروسه.
ومرت الأيام..حتى جاء موعد استلام الشهادات.
ارتدى أحمد ملابسه الجميلة، وذهب إلى جدته ..وقال لها: لا تنسي موعدنا اليوم.
هزت الجدة رأسها مبتسمة دون أن تتكلم .
خرج أحمد متوجهاً إلى مدرسته.. وهناك كان زملاؤه في انتظاره، اقترب منهم وسلم عليهم واحداً واحدا .. ثم سلم على مدرسه.
أخذ المدرس يقلب الشهادات بحثاً عن شهادة أحمد.
قال أحمد: بسرعة أرجوك .. جدتي تنتظر.
وبعد أن استلم شهادته، هنأه المدرس على نتيجته الرائعة قائلا له: مبارك يا أحمد.. أنت الأول على الفصل، وهذه أيضاً شهادة تقدير.
طار أحمد من شدة الفرحة، وأسرع عائداً إلى البيت، وبينما هو يجري، سمع صوتا ينادي عليه..التفت وراءه، رأى جدته تحاول اللحاق به .
عاد إليها وقال بلهفة: شهادتين يا جدتي .
ثم سألها: كيف أتيت، من أوصلك إلى هنا؟
ردت عليه وهي مسرورة: صحتي بخير يا حبيبي..ثم أعطته صندوقاً صغيرا .
التف التلاميذ حول أحمد وجدته وهم متعجبون من منظر العجوز التي تستند على عكازها.
نظر أحمد حوله، وقال لزملائه: ماذا تريدون؟
ردت جدته: افتح الصندوق أمامهم .
هز أحمد رأسه ثم فتح الصندوق وأخرج منه مفتاحاً.. أخذ يقلب المفتاح في يده وينظر إلى جدته .. كرر ذلك أكثر من مرة وهو مندهش.
استغرب التلاميذ ثم قالوا بصوت واحد: ما هذا يا احمد ؟
رد عليهم: إنها هدية جدتي..أبشروا سنعود..سنعود.
********
********
لك الله يا فلسطين
اللهم افرج عنهم كربهم ..
اللهم انقذهم مما هم فيه ..
اللهم اسحق اعدائهم..
اللهم اطفىء نيرانهم ..
اللهم خفف آلامهم ..
اللهم ارحمهم من عذابهم..
اللهم اجعل على يمينهم نورا وعلى يسارهم نورا ومن خلفهم نورا ومن امامهم نورا ومن حولهم نورا
واحفظهم فانت خير الحافظين ونجهم
اللهم انت القدير على كل شىء
اللهم استجب ..اللهم استجب